حكاية مع وقف التنفيذ لكاتبتها دعاء عبدالرحمن

موقع أيام نيوز

 


حلها وحرمتها مهما كانت باهظة الثمن وعادت دنيا تقبع خلف مكتبها تقلب أوراقها بملل غير راضية عن وضعها القديم فقد كانت تتصور أن شأنها سيرتفع لمجرد أنها زوجته وأنه سيعطيها مكتب مخصص لها ولكنها تركها كما هى حتى عندما ڠضبت وطلبت منه ذلك رد ببرود
لو هارقى حد هيبقى على حسب كفائته مش على حسب هو يقربلى ايه

وقد كانت الضړبة الموجعة لها والقاسمة لغرورها وكبريائها أنه أعطى نورا صلاحية مدير المكتب وخصص لها مكتبه سابقا بل وخفف عنها عبء عمل النهار وأصبحت تعمل مساءا كمديرة للمكتب فقط مما جعل دنيا تستشيط ڠضبا وحنقا وتستعر الڼار بداخلها خرجت من المكتب دون أستئذان وتوجهت لوالدتها لتحكى لها مأساتها معه والظلم الذى تلاقيه فى عملها فاجابتها والدتها بهدوء
فى حاجة مش طبيعية بينك وبينه ومحدش فيكوا عاوز يقول عليها
جلست دنيا تقلم أظافرها وهى ترفع كتفيها وتقول بخبث 
بصراحة يا ماما فيه بس يعنى ضميرى مش سامحلى انى افضح جوزى
نظرت لها والدتها مستفهمة وقد عقدت حاجبيها قائلة
يعنى أيه يابنتى مش عاوزه تفضحيه هو فى ايه بالظبط
رفعت رأسها إلى والدتها وتصنعت الخجل وهى تقول 
أصله بصراحة يعنى مش قد كده معايا يمكن بقى علشان كده علطول مضايق وبيعاملنى وحش زى ما اكون أنا المسؤلة عن حالته دي
زاد أنعقاد حاجبى والدتها وهى تنظر إليها قائلة
طب ليه ما يروحش لدكتور بدل ما العلاقة بينكوا متوترة كده
زفرت دنيا متبرمة وهى تقول بملل
يووه حاولت كتير معاه وكل مره بيزعل ويعمل خناقة خلاص بقى قسمتى ونصيبى انا راضية
غريبة أوى الحكاية دى
عادت دنيا لتقليم أظافرها ثانية وهى تقول بأسى 
شايفة يا ماما انا مستحملة أيه وكمان قاعدة مع امه فى مكان واحد ومعاملتها بقت حاجة صعبة أوى
مالت أمها للأمام بابتسامة متهكمة وقالت 
أهى دى بقى لو حلفتيلى عليها عمرك كله مش هصدقك ده انا شفت بعينى محدش قالى
نظرت دنيا إليها وقالت بحزن
كده يا ماما بقى انت برضة تخيل عليكى حركات الست دى دى بتعمل كده قدامك بس
ضحكت أمها بسخرية وقالت 
روحى شوفيلك كدبة تانية بس تكون محبوكة شوية عن دى
هبت دنيا واقفة وهى تقول بانفعال 
كده يا ماما ماشى أنا هدخل انام شوية
أنت مش هتروحى
لاء لازم يعرف انه غلط
دخلت غرفتها وتنفست بقوة وهى تزفر بضيق متسائلة بداخلها لماذا دائما يكذبها الجميع حتى والدتها لا تصدقها فى شىء ألهذه الدرجة هى مكروهة منهم هوت إلى فراشها بقوة وڠضب وهى تلوم نفسها على سذاجتها التى أودت بها تذكرت يوم ۏفاة أبيها واليوم الذى توعدتها أمها أنها ستجعل عمتها تأخذها معها إلى الصعيد لتعيش هناك بقية عمرها وتذكرت يوم أن قررت مصيرها وحددت معاد عقد قرانها على فارس دون الرجوع إليها عادت لتذكر الشعور الذى مر بها والڠضب الذى تملكها حينها وهى ترى حياتها تسير فى الاتجاه الخاطىء وسينتهى بها الأمر فى حارة مع حماتها فى شقة واحدة أستعادت ذاكرتها هذا اليوم المشؤم الذى بحثت فيه عن الدواء المنوم خاصتها ووضعت منه لوالدتها فى مشروبها والذى جعلها تنام نوما عميقا مما أتاح الفرصة لها أن تخرج وأول ماتوجهت كان لمكتب باسم الذى رحب بها وأغلق الباب قائلا
ولا يهمك محدش يقدر يجوزك ڠصب عنك
كل ده بسببك انت ماما عملت كده علشان سمعتك وانت بتكلمنى فى التليفون بالليل فى الليلة اللى بابا ماټ فيها أسمع بقى انا
مش هغرق لوحدى لازم تطلعنى من الحكاية دى فورا
يعنى عاوزانى اعمل ايه
أنت مش قلت هتجوزى وتخلينى شريكتك فى المكتب يبقى تيجى بكره وتطلب أيدى رسمى
أيه ده يعنى بتفضلينى على حبيب القلب ولا أيه
مش فاهم
حبيب قلب أيه دلوقتى يعنى أرمى نفسى بأيدى فى الحارة مع أمه علشان بحبه لاء طبعا
أومال انت خرجتى ازاى دلوقتى مش بتقولى امك حاسباكى
حطيت منوم لماما هينيمها طول الليل وقلت اجيلك وارجع البيت من غير ما تحس انى خرجت وطبعا انت هتتقدم بكره رسمى ومش هتسيبنى فى اللى انا فيه ده لوحدى مش كده يا باسم مش كنت بتقول انك بتحبنى وانك مستعد تعمل أى حاجة علشانى
أغمضت عينيها وهى تتذكر نظرة عينيه فى تلك اللحظة وكيف عادت لبيتها وهى تجر أذيال الخيبة مترنحة لا تصدق ما فعله بها وافتراسه لها بعد أن وثقت به وعاد صوته يتردد داخلها مرة أخرى وهو يقول بمنتهى الوقاحة 
أعرف دكتور كويس هيرجعك زى ما كنت وأحسن كمان
شعرت بغصة فى حلقها عندما وصلت لهذه النقطة من ذكرياتها المقززة و أخذت تفكر فى طريقة تعيد بها مكانتها مرة أخرى فكان لابد أن تبدأ بفارس أولا لابد أن تستعيد مكانتها فى قلبه بأى شكل من الأشكال وبشتى الطرق 
كفاية يا مهرة قلبى وجعنى من الضحك يابنتى
قالت عبير وهى تجرى خلف أحدهم بطبق الطعام
سيبيها يا ماما دول كده بياكلوا وجبتهم كلها
كفايه مش قادره قطعتوا نفسى يا ولاد الدكتور
ضحكت عبير وهى تقول بمرح
أنت خلاص يا مهرة بقى عندك خبرة ينفع نجوزك من بكره
نهضت أم بلال وهى تقول 
أنا هدخل اريح شوية دماغى وجعنى من كتر الضحك
نهضت مهرة وأخذت طفلين على قدماها تداعبهم وشرعت عبير فى إطعام الاثنين الآخرين وهى تنظر إلى مهرة نظرات متفحصة ثم قالت 
مهرة أنت فى حاجة مضايقاكى
ألتفتت إليها مهرة بحيرة وقالت بتردد 
ليه بتقولى كده
ركزت عبير على عينيها وقالت بثقة
علشان عارفاكى كويس لما بتبقى مضايقة ومهمومة بتقعدى تجرى وتلعبى وتضحكى أكتر من الطبيعى بتاعك
حاولت مهرة تغير مجرى الحديث وهى تقول 
أحنا مش هنروح ل عزة ولا ايه يالا بقى قومى ألبسى
نهضت عبير وهى ترمقها بنظراتها وقالت 
ماشى يا مهرة بس خليكى فكرة أنى أختك الكبيرة لو أحتاجتى تتكلمى انا موجوده
قالت عبير كلمتها الاخيرة وتوجهت لغرفتها مصطحبة أطفالها لتبدل لهم ملابسهم بينما كانت عينان مهرة تتابعها فى شرود وقد عاد الأسى يسكن قسمات هذا الوجه اليافع مرة أخرى وهى تتذكرنتيجة
التنسيق التى كانت تتمناه وتحلم بها سابقا والتى وضعتها أول غباتها
وهى تملأ استمارة الرغبات متنازلة عن مجموع درجاتها الذى يؤهلها لكلية أخرى ورغم ذلك اختارت أن تدرس نفس ما كان يدرسه أختارت كلية الحقوق !
سمع صلاح طرقات منغمة على باب غرفته فالټفت إلى الباب وقال بمرح 
أدخل يا عريس
أطل عمرو برأسه من فتحة الباب بابتسامته المرحة ودخل إليه يعانقه قائلا
وحشنى والله يا أستاذ صلاح
نظر إليه صلاح متأملا وهو يقول 
وانت والله يا عمرو بس أيه الحلاوة دى هو الجواز عامل عمايله معاك ولا ايه
رفع عمرو يديه يستعرض عضلاته وقال بغرور مصطنع 
لا ولسه مشفتش المجانص كمان
لم يضحك صلاح فنظر إليه عمرو فوجده ينظر خلفه ووجهه قد عاد إليه جموده فالټفت عمرو خلفه فوجد إلهام واقفة عند الباب وتنظر إليه بنظرات إعجاب جريئة تكاد تلتهمه بعينيها وقالت برقة 
حمد لله على السلامة يا بشمهندس تعال المكتب شوية لو سمحت ضرورى
وخرجت متوجهة لمكتبها فوضع صلاح يديه على كتف عمرو وقال 
ربنا يخليلك مراتك يابنى
نظر له عمرو نظر مبهمة واتجه إلى مكتب إلهام طرق الباب ودخل فقالت 
أقفل الباب يا بشمهندس
أغلق عمرو الباب ووقف مكانه قائلا 
خير يا بشمهندسة
أشارت له بالجلوس أمامها فاقترب قائلا
أنا أصلى لسه هستلم الشغل
قالت ببطء وهى تتفحصه 
مش هعطلك كتير اتفضل
جلس عمرو على المقعد أمام المكتب متحاشيا النظر إليها مالت للأمام واسندت ذقنها إلى راحتها وهى تنظر إليه مبتسمة وقالت 
تعرف أنك احلويت فعلا بعد الجواز
نهض عمرو على الفور وقال بضيق
معلش انا لازم امشى عندى شغل كتير
نهضت من مقعدها ودارت حول مكتبها ووقفت أمامه مدت يدها إليه ولمست بأناملها أزرار قميصه وقالت هامسة
أنت ليه مش حاسس بيه يا عمرو
نظر ليدها وابتعد خطوة للخلف ونظر فى الاتجاه الآخر وهو يقول بجدية
يا بشمهندسة اللى بيحصل ده مينفعش خالص
أقتربت هى الخطوة التى ابتعدها ونظرت إليه برجاء وقالت بضعف
مينفعش أيه مينفعش أحبك
نظر إليها بدهشة وقال 
يا مدام إلهام انا راجل متجوز وبحب مراتى وحضرتك كمان متجوزة و 
قاطعته على الفور وهى تتلمس قميصه مرة أخرى وقالت بعينين ملتهبتين 
وبحبك انت 
أشاح بوجهه وهو يبتعد عن
يدها فقالت تستعطفه
يا عمرو انا بحبك ومش عاوزه منك أى حاجة أنت ليه مش قادر تحس بالى جوايا
شعر بالحرج والأضطراب وحاول أن ينتقى عبارات غير جارحة وهو يسمع نبرتها الواهنة التى ترجوه بها ألتفت
إليها قائلا بهدوء
يا بشمهندسة أحنا كلنا هنا بنحترمك وبنقدرك لكن غير كده مش هينفع صدقينى عن أذنك
وتركها وأنصرف وهى ترمقه وتراقب حركته العصبية وهو يفتح الباب ويخرج ويغلقه خلفه مسرعا فرت دمعة من عينيها فمسحتها بسرعة وهى تقول بتصميم 
غلطان يا عمرو 
توجه عمرو مباشرة إلى مكتبه وعانق زميله أحمد بحرارة والټفت إلى زميله نادر متناسيا المشاحنة التى كانت بينهما وقال
أزيك يا بشمهندس نادر
نظر له نادر نظرة متعالية وقال
كويس
ربت أحمد على كتفه وقال بمرح 
واحشنى والله يا عمرو ووحشانى خفة دمك ايه خلاص هترجعلنا تانى ولا ايه
قال عمرو وهو يجلس خلف مكتبه بخفة 
اه ان شاء الله هرجع أرخم عليكوا تانى
ضحك أحمد وهو يضع أمامه بعض الرسومات الهندسية وبدأ فى العمل بينما كان نادر يراقبه عن كثب ويتتبعه وهو يعمل بنظرات محتقنة حاقدة 
أنهى بلال جلسته العلاجية لاحد مرضاه الذى قال مرحا 
بجد يا دكتور بلال أنت أيدك مرهم ولا حسيت بحاجة
رفع بلال رأسه إليه وقال مداعبا
أنت محسسنى انك جاى تاخد حقنة فى الصيدلية وبعدين لو محستش بحاجة تبقى الجلسة فشلت يا كابتن
ضحك كابتن علاء وهو يقول 
لا نجحت ان شاء الله بس حلو أوى حكاية التسبيح والتكبير والاستغفار اللى انت بتعملها دى يا دكتور بجد أنت ليك سبق فى الحكايه دى ده انا ما سمعت عنك وعن اللى بتعمله من زميلى فى الفريق قلت لازم أجى أجرب بنفسى وسيبت دكتور الفريق
أبتسم بلال وهو ينهض من خلف مكتبه قائلا
الكلام كله عاجبنى إلا الحتة الأخيرة ناقصلك شوية وتقولى اعملى خصم
ضحك علاء بينما نهض بلال وهو يأخذ مفاتيحه من فوق المكتب وقال 
يالا يا كابتن يدوب نلحق العصر
ساعده بلال على النهوض وهو يقول له مشجعا
لا بقولك أيه بلاش دلع أنجز علشان عاوزين الكاس السنة دى
ابتسم علاء بإجهاد وهو يتحرك معتمدا على يديى بلال وقال 
أنا معتمد على الله وعليك يا دكتور
رد بلال مبتسما وقال معلما
يا ابو الكباتن قول على الله ثم عليك
نظر له علاء مستفهما وقال 
وايه الفرق 
شرع بلال فى الشرح له وهما يتوجهان خارج المركز وقال 
يعنى لما اقول خرجت من المركز انا وعلاء يعنى خرجنا احنا الاتنين سوا زى زيك يعنى
لكن لما اقول أنت ثم أنا يعنى أنت الاول وبعدين أجى انا فى المرتبة التانية كده أحنا مش متساويين مع بعض
هز علاء رأسه بدهشة وقال 
تصدق أول
 

 

تم نسخ الرابط