روايه انا والطبيب لكاتبتها ساره نبيل
المحتويات
وبعد كدا نكتب الكتاب..
خرج صوت قيس قاس بتحدي
لا... في قلب المستشفى وفي الغرفة رقم ٢٠..
نمت إبتسامة ياسين الواسعة لهذه القوة التي يراها بأعينه وقد فهم مقصده ليتيقن أن قدر أصبحت بين أيدي أمينة الآن..
أتت فتاة تهرول باتجاه ياسين تقول لاهثة ليحاوطها هو برفق وتلين ملامحه
ياسين .. ياسين وقت الراحة ومش هيبقى فيه مرور لمدة ساعة .. يدوب يا ياسين بسرعة..
إهدي يا مرح .. إهدي يا حبيبتي.
ومن الوهلة الأولى فور أن وقعت أنظار قيس على ملابسها أردف
أنت ممرضة في مستشفى السبيل صح..
حرك ياسين رأسه وقال بجدية
مرح صاحبة قدر المقربة ومراتي والجندي السري إللي بيحمي قدر جوا المستشفى وعنيا جوا كمان..
يعني تقدر تقول إللي بيغير علاج قدر المضر إللي بيتلاعب بجهاز الصعقات...
اندهش قيس وتوسعت أعينه بدون تصديق وهو يسمع لتلك المخططات الدقيقة السرية التي يقوم بها ياسين...
أخرجه من شروده قول ياسين
لازم نتحرك دلوقتي الوقت بيعدي..
انحنى قيس يسحب حقيبة كبيرة من سيارته وساروا جميعا باتجاه المشفى التي يبعدهم عنها خطوات بسيطة..
تسائل قيس
طب أنت والمأذون والشيخ رضوان هتدخلوا إزاي يا ياسين..
دي عليا أنا أدخل أنت والشنطة مرح هتاخدها وهندخل بطريقتنا..
قال قيس بمرح
واضح أنك جامد يا ياسين باشا..
اشتدت أعين ياسين قسۏة وهتف من بين أسنانه
لازم أكون كدا علشان خاطرهم ويلا أدخل أنت عادي علشان محدش يشك في حاجة..
تحرك قيس وقبل أن يدلف تسائل مرة أخرى ببعض الفزع
طب الكاميرات يا ياسين..!
ما أنا قولتلك مرة أنا موجود يا دوك..
ابتسم قيس ببشاشة
وهمس وهو يدلف
مش ساهل يا ياسين وغامض زي أختك..
ارتفع رنين هاتف ياسين الذي أجاب من فوره ليأتيه صوت من الجهة الأخرى مردفا
كله تمام يا ياسين .. أحب أطمنك شحنات شركات البحيري اتصادرت والقوات في طريقهم لقصر البحيري ... وأخيرا وقعوا في إيدنا يا ياسين..
هتف ياسين بثقة ووجه يتلظى بالنيران
مش المرة دي .. المرة دي الموضوع في إيد الجهات العليا أوي والجهاز المركزي المرة دي الڤضيحة كبيرة .. المرة دي مش أسرة الحاج فتحي الراجل البسيط إللي في حاله .. المرة دي مش فتحي وحليمة ورائف .. المرة دي مش رائد إللي اڼضرب بالړصاص .. المرة دي مش قدر..
اقتربت مرح منه تمسد ذراعه بقلب مټألم لهذا العام المرير الذي مر عليهم وتلك الفترة التي عاشها ياسين الذي بلغت أوجاعه عنان السماء..
الجميع كان يحيا بهدوء وبساطة إلا أن ھجم هؤلاء الشياطين على حياتهم فجعلوها خاوية على عروشها..
كانت صديقة قدر المقربة بل الشقيقة التي لم تلدها والدتها تمت خطبتها لياسين وتم عقد
قرآنها لكن لم يتم الزفاف..
ياسين الذي أتى منكبا على وجهه بعد تلك المهمة التي كلف بها بخارج البلدة أتى بعد غياب وتعب ومشقة وشوق لعائلته الصغيرة أتى محمل بالهديا .. جلباب أبيض لفتحي ورداء جميل ستسعد حليمة عند رؤيته وساعة اليد التي يتمناها رائد والقميص الذي يفضله رائف..
بينما قدر .. قدره السعيد كما ينعتها فحدث ولا حرج .. لقد قام بجلب القائمة التي أحضرتها قدره السعيد .... لكن أين هم ... أين منزلنا .. لم يجد قدر .. لم يجد والديه باستقباله لم يقابله أصوات شجار أشقاءه رائد ورائف مع قدر .. لم تقابله رائحة طعام حليمة ووصفات الطهي الخاصة بقدر..
فقط خړاب ... سكون مهيب ... واڼتقام على مشارف الأبواب..
حين أخبره الجيران ووالد مرح بما حدث سقط على ركبتيه كالطفل ېصرخ صړاخ ملأ الأركان صړاخ متمزق ودموع حارة انغمست بلحيته وأعينه ينبثق منها شرار يرتجف له الأبدان..
لو لم يتحكم بلجام غضبه لو لم يحثه والد مرح على عدم التهور لأجل عائلته التي تحتاج إليه لكان مصيره مصيرهم لم يكن ليصل لقدر ويجعلها بين يديه وتحت أنظاره بحنكة..
حتى وصل لهذه الخطوة لقد مر بالكثير تخطيط محكم دقيق عمل عليه لعام من الحزن..
هذا العام جعله وحشا كاسرا..
_______بقلمسارة نيل______
دلفت مرح لغرفة قدر بأنفاس متسارعة وبيدها الحقيبة التي أعطاها لها قيس..
كانت قدر تجلس فوق الفراش وبيدها مرآة صغيرة تخبئها أسفل الفراش أخذت تتحسس أسفل أعينها وبشرتها بشرود ثم كشفت عن كتفها لتنظر لتلك الندبة البشعة التي تأكل كتفها بقسۏة..
اقتربت منها مرح بحنان بعدما أغلقت الباب بإحكام هتفت بلهفة
قدر أنت كويسة..
كابوس وانتهى يا قدر .. الحياة الجديدة السعيدة في إنتظارك هتاخدي حقك منهم وإن شاء الله زي ما ياسين وصلك هيوصل لبابا فتحي وأمي حليمة ورائد ورائف..
رائد...
أنت في البداية يا قدر .. لسه البداية بس وخلاص بعد دقايق هتتجوزي قيس وهتبقى في حمايته هو ياسين..
واضح أنه شخص كويس وبيحبك يا قدر..
لازم تجهزي يا قدر الوقت ضيق جدا .. قدمنا أقل من ساعة..
رددت قدر بتعجب
أجهز..!!
فتحت مرح الحقيبة وأخرجت منه فستان أبيض فضفاض توسعت أعين قدر عند رؤيته فستان أبيض من الحرير الناعم النقي وعند الخصر حزام رفيع من البلور الأبيض ويهبط باتساع وعند نهاية الأكمام أساور دائرية من البلور وبرفقته حجاب أبيض طويل ساتر..
لم تتوقع قدر هذا أبدا لم يكن بحسبانها أن ترتدي الأبيض..
تحسسته بأعين غائمة فقالت لها مرح بسعادة
حقيقي الدنيا دي ضيقة أوي يا قدر مين يصدق أن هو نفسه دكتور قيس البنا!!
عند قيس وقف شاردا منتظرا مهاتفة ياسين على أحر من الجمر تنهد مغمضا
أعين وتلك الذكريات تموج بعقله...
منذ عامان..
عاد من المشفى بإرهاق فارتمى فوق الأريكة بتعب ليقترب منه صديقه محمود قائلا بتسائل
يعني أنت إللي هتابع الكورس ده يا قيس هتشرح محاضرات على الزوم وزي ما أنت قولت نفتح المحادثات معاك علشان لو في أي استفسارات..
فقد تطوع قيس بإلقاء محاضرات في علم النفس تقربا لوجه الله للإفادة وكان ممن هرعوا لتلك المحاضرات الكثير من طلاب كلية آداب قسم علم نفس وكليات الطب النفسي وطلاب انضموا للإستفادة والثقافة وتكاثر الجميع عندما علموا أن من سيلقى المحاضرات هو طبيب نفسي مشهور ناجح يعمل في أشهر المشافي بالخارج الطبيب قيس البنا..
كان ممن قاموا بحضور تلك المحاضرات قدر وصديقتها مرح..
ومرت الأيام حتى أصبح هذا الحساب باسم تركواز والذي يميزه صورة أمواج زبرجدية يحوز على تفكير قيس بطريقة مخيفة وبالأخص عندما استمع إلى صوت تلك الفتاة الذي يجهل اسمها وهويتها..
وأصبح يغرق أكثر وأكثر حتى شعر بمشاعره تنجرف نحو منحدر خطېر يتخطى حدوده وصوتها الذي يتردد صداه بعقله وأذنيه لا يفارقه..
حتى أصبح ينتظر موعد المحاضرات ويترقب تساؤلاتها الصوتية التي كانت تظهر له فقط على شوق وترقب كلماتها المستفسرة في إطار الشرح فقط كان لها وقع على قلبه من بين جميع الحاضرين..
لكن كان يجب أن يستفيق من تلك المشاعر ويتخلص من صوتها الذي يحفظ نبرته الرقيقة البريئة عن ظهر قلب..
همس قيس متنهدا بعدما انتهى من صلاته
يارب ساعدني وقويني وشيلها من قلبي وعقلي أنا مش عارف دا حصل إزاي وإمتى بس ڠصب عني يارب .. يارب احفظ قلبي من الفتن والمعاصي وأبعد عني كل إللي لا يرضيك أو يغضبك...
وهنا تم الإعلان عن إنسحاب الطبيب قيس البنا واستلام الطبيب محمود صديقه زمام الأمور انسحب مؤمنا أن من ترك شيء لله عوضه الله بخير منه..
خرج قيس من شروده على صوت رنين هاتفه ليتنهد براحة فها هو يرزق بها في الحلال بعدما امتنع هو عن ميل قلبه لها وخشى الوقوع في الذنب ... لقد عوضه الله بالخير..
اقترب من الغرفة رقم ٢٠ ونبضات قلبه تثور پجنون .. دلف للداخل والسعادة تملأ قلبه ولم ترفع أعينه بقدر التي تقف كملاك ترتدي فستانها الأبيض الفضفاض وحجابها الذي اشتاقت إليه فزادها جمالا وفتنة..
خشى رفع أعينه بأعينها الزبرجدية قبل أن تصبح زوجته فيعجز عن رفعها عنها وتسحبه إلى هاوية لا نهاية لها...
رأى ياسين والشيخ رضوان والمأذون يقفون بمنتصف الغرفة تعجب من كيفية دخولهم لكن لم يكن هذا توقيت التساؤلات فقد جلس المأذون يجري محادثات عقد القرآن تحت سعادة قيس التي لا مثيل لها وخفقان قلب قدر الذي غاب عامان بعد المرة الأولى ليخفق للمرة الثانية لنفس الشخص ... لا تصدق أنها بعد دقائق ستصبح زوجته..
كانت الغرفة تعج بالكثير من المشاعر التعجب وعدم الفهم لما يحدث من جهة الشيخ رضوان والسعادة الطفيفة والحذر من جهة ياسين والسعادة المطلقة من جهة مرح..
بينما كان كلا من قدر وقيس بعالمهم الخاص..
قدر يشوبها الكثير المشاعر والترقب للقادم للمرة الأولى تفعل شيء لأجل ذاتها لقد وافقت على هذا الزواج لأجل قلب قدر لتكتب حكاية أبدية كان عنوانها قدر قيس..
نطق الشيخ محسن ببشاشة
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.. مبارك لكم..
وهنا سمح قيس لنفسه برفع أعينه التي كان متيقن من أنها لن تخرج من داخل أعينها بسهولة تخضب وجنتي قدر من نظراته وهي تختبر تلك الأشياء للمرة الأولى بعد عام من القحط ومازال لكن لا تنكر أن بعض الورود قد
نمت من بين شقوق الجفاف..
مبروك لقلبي يا قدر..
ومد يده بالوردة فأخذتها بخجل ليقترب ياسين يقول بغيرة واضحة
حيلك حيلك
يا أخينا هو أنت ما صدقت ولا أيه وبعدين ميغركش سكونها ده دا أنت لما تتعرف عليها هتتصدم صدمة عمرك .. استعد للقادم يا وحش..
تشرست ملامح قدر وهي ترمق ياسين ليسرع قائلا
خلاص مش هنبدأ .. المهم
دلوقتي هتخرج أنت وقدر يا قيس وأنت يا مرح هتعملي المطلوب..
قال قيس
بس أنا لما أوصل قدر لمكان أمان وأطمن عليها هرجع المستشفى تاني يا ياسين..
هتف ياسين باعتراض
دا اسمه إنتحار يا قيس للأسف أنت متعرفش إجرام القذر إللي اسمه عزيز وممكن الموضوع يوصل بيه لأيه ...دا شخص مريض حقيقي وكدا أنت بتعرض حياتك للخطړ..
هدر قيس بحدة
أنا مش هستخبى ولا ههرب يا ياسين القذر ده ميقدرش يإذيني ومش لازم نعمله حساب دا إللي بيخليه يتفرعن كدا..
أهم حاجة أبعد قدر وبعدين نشوف أخر المړيض ده أيه..
حرك ياسين رأسه بعدم فائدة وسار نحو الخزانة الصغيرة بنهاية الغرفة حرك الخزانة للأمام ليظهر باب صغير ضيق فتحه ليطل على أشجار في الحديقة الخلفية فيقول ياسين
يلا يا قيس قدر في حمايتك..
مد قيس كفه نحو قدر التي أمسكت يده بدون تردد جعله يبتسم لها بحنان وانحنى يخرج من الباب وهي بيده بينما تمسك الحقيبة التي بها أشياءها التي كان مخبأة بالغرفة سرا..
وخرج الشيخ رضوان والمأذون بصحبتهم ليبقى ياسين ومعه مرح بالغرفة..
قال ياسين پغضب
يلا يا
متابعة القراءة