رواية وبقي منها حطام أنثى بقلم منال سالم و ياسمين عادل

موقع أيام نيوز


اللي بتتعمل الصبح
انصاعت إيثار لرغبتها وصعدا سويا لإحضار ريفان من الأعلى 
انتظر مالك على أحر من الجمر صعودها للأعلى ليخطو بقدميه بعجالة صوب المطبخ وأشار لراوية للبدء بالتنفيذ  
وهتف بتلهف 
يلا يا راوية شيلي معايا الحاجة دي بره !
ابتسمت له راوية قائلة وهي تتعجل في حركتها 
حاضر يامالك بيه

قاما الاثنين بنقل قوالب الحلوى المتعددة الأشكال والأنواع وأطباق الحلوى المختلفة للخارج وصفت على الطاولة المتوسطة الحديقة بشكل أنيق ومنظم 
في هذا الحين كانت إيثار قد انتهت من إعطاء جرعتها العاطفية للصغيرة فحملتها بين ذراعيها بحب وهي تحركها بمرح قائلة 
روفي كملتي سنتين ياحبيبتي عقبال ما تكملي مليون سنة !
هتفت روان وهي تفرك كفيها بحماسة شديدة طب مش يلا ننزل بقى !!
نظرت لها إيثار بغرابة وهمست بإندهاش قليل وهي تداعب وجنتي الصغيرة لسه بدري ياروان
اعترضت روان وهي تتلوى بثغرها خوفا من فساد المخطط الذي رسمته 
آآ لأ ننزل دلوقتي أفضل! 
ردت عليها إيثار مستسلمة وقد انعقد حاجبيها بتعجب شديد لإصرارها الغير مبرر 
طيب اللي يريحك
هبطا سويا بصحبة الصغيرة بعد إصرار روان على إلباس الصغيرة ريفان فستانا ورديا رقيقا يتماشى مع التاج الصغير المرصع بفصوص ماسية والذي زينت به رأسها  
وعندما خطت إيثار عتبة الفيلا تفاجئت بوجود مالك بالحديقة والذي ظنته بالبداية غير موجود 
ابتعدت برأسها قليلا فتراجع هو الأخر برأسه بعد أن حقق مبتغاه وأثار توترها نحوه 
مد يده ليلتقط صغيرته من بين يديها فتعمد مسك كفها مع ابنته 
شعرت بالحرج الشديد من جرأته حيالها فتنحنحت بخجل و توردت وجنتيها بحياء ثم نطقت بجدية زائفة 
احم ! آآ أ أيدي
أفلت كفها وهو يبتسم لها ابتسامة خطېرة و تحرك نحو الطاولة ليجلس على أحد مقاعدها واضعا الصغيرة على حجره 
ثم غمز بعينيه لشقيقته لكي تقوم بالتصرف وبالفعل تحركت الأخيرة على الفور لتقول بحماسة بائنة 
يلا عشان نطفي الشمع ياإيثار
ثم جذبت إيثار من يدها ودفعتها نحو الطاولة 
نظرت لها إيثار بإندهاش وهتفت متعجبة 
دلوقتي !!!!
ردت عليها روان وهي تهز رأسها عدة مرات متتالية 
ايوة يالا
كانت تشعر بشيء مريب في الأمر وكأن الأخوين يحيكان أمرا لا تعلمه 
تجاهلت شعورها وتعمدت الانتظار حتى تكشف ما سيؤول إليه الأمر 
جلست بتردد على المقعد وجاورتها روان 
دققت النظر على الطاولة لترى قالب الحلوى المطبوع عليه صورة للصغيرة تجمعها بوالدتها حكت غرة جبهتها بتفكير وتذكرت أنها قد رأت مثل تلك الصورة في الأعلى داخل إطار خشبي رقيق 
تعلقت عيناها بالقالب وشردت تفكر فيها 
أثار فضولها وبشدة وجود ريفان مع والدتها في صورة واحدة تجمعهما سويا 
تلك الصورة التي رأتها من قبل وحركت نزعتها الأمومية بالإضافة إلى شعور الغيرة 
ما أثار ريبتها هو كيف ومتى تم أخذ تلك الصورة إن كانت الأم قد توفت قبل رؤية قرة عينيها 
هناك خطأ بالأمر  
ربما مالك ېكذب عليها وأراد الحصول على استعطافها 
اغتاظت من كذبه وتحول وجهها للوجوم 
 لاحظ
مالك تحديقها بقالب الحلوى 
نعم حالة الشرود التي تمكنت منها كانت مرئية للعيان 
وسريعا استشف ما تفكر به لذا قرر أن يسرد عليها قصة الصورة قبل أن تظن به الظنون 
الټفت برأسه نحو شقيقته وحك مؤخرة رأسه وهو يقول بهدوء 
عارفة ياروان !
انتبهت له أخته وكذلك إيثار فتابع قائلا 
الصورة دي انا عملتها بعد ما ريفان اتولدت بشهر كنت مصور مامتها وهي حامل فيها وشايلة عروسة بنفس الحجم !
ابتسم بمرارة وهو يضيف 
كانت فرحانة أوي إنها حامل ومش مصدقة نفسها !
ثم انخفضت نبرة صوته وهو يكمل بحزن واضح 
بس فرحتها مكملتش وماټت بس بس مرضتش أحس إن الفرحة دي انتهت بمۏتها فلما ريفان اتولدت صورتها معايا بنفس الطريقة وبنفس الزاوية وخليت المصور 
يركب الصورتين على بعض 
تنهد بعمق وهو يختم حديثه 
كان يهمني يكون في ذكرى جميلة تجمع ريفان بمامتها الله يرحمها !
رغم حسن نيته مع ابنته ورغبته في تخليد ذكرى حب زوجته لطفلتهما التي لم يكتب لها أن تراها إلا أنه أشعرها بالغيرة من ذلك الاهتمام 
هي لم تحظ بمثله 
هي كانت تعاني تجاهد للملمة شتات أمرها 
اجتهدت وبشدة في الحفاظ على جمود تعابير وجهها وثبات نظراتها رغم النيران المستعرة بداخل روحها 
أضافت روان وقد شعرت بالشفقة على تلك الراحلة 
الله يرحمها يارب
هي تغار هو متأكد مما رأه فيهما 
نهضت روان عن جلستها مبررة أنها ستحضر مشروب المياه الغازية ثم تركتهما بمفردهما بعد أن حملت الصغيرة بين يديها وهي تقول بمرح 
مالك هات روفي وحط إنت الشمع في التورتة
نهضت إيثار فجأة وهتفت بجدية وهي تجاهد للإبتعاد عن مكان وجوده بأقصى قواها 
آ روان انا هجيبه خليكي
اعترضت روان وهي تصر على الذهاب بالصغيرة للداخل 
لا خليكي انا جاية على طول
وقبل أن تهتف بها إيثار كانت قد
انصرفت سريعا
تنهدت بضيق وأشاحت بوجهها للجانب الأخر متجنبة حدقتيه اللاتين تعلقتا بها 
كانت تشعر بظل عينيه وهو مسلط عليها مما أشعرها بالحرج الشديد ولكنها جاهدت حتى لا تظهر له ذلك ولكنها فشلت  
فأمرها كان مكشوفا وواضحا له وضوح الشمس بينما لم يستطع هو منع إبتسامته التي غزت محياه  
هي كما أعتادها دائما حتى وإن اعتراها بعض التغيير تنكشف أمامه 
 تأهبت لتنهض بعيدا عنه لتتجنب تأثيره ولكنها تفاجئت بكفه يحاصر كفها فاستدارت نحوه پصدمة وهمس بلهجة عاشقة 
ماتسبينيش !
انفرجت شفتيها بذهول و جحظت عيناها 
ها !
ابتسم لها مالك بعذوبة معهودة منه وهو يتوسلها 
قصدي ماتمشيش !
سحبت إيثار كفها منه وهتفت بتوتر 
هشوف روان عشان أتأخرت
نهضت عن مكانها سريعا لكي تتجاوزه ولكنه قطع عنها الطريق بوقفته أمامها 
ارتكبت أكثر منه وتوترت فتأمل الحمرة التي احتلت موضع غمازتيها ثم مد أنامله ببطء لېلمس غمازتها فتراجعت فورا خطوة للوراء 
تحقق حلمها الذي رأته في غفوتها هي تمنت اقترابه منها ولكنها تخشى إستسلام مشاعرها الجريحة له 
دنا منها أكثر فأبتعدت  
نطق بتلهف واضح وعيناه تلمعان بوميض الحب 
تتجوزيني!
انتفضت بل ارتجفت وارتعش كيانها بالكامل 
أكان وهما ما قاله 
أعرض عليها الزواج 
أصابت كل ذرة في جسدها قشعريرة غريبة عقب كلمته المباغتة تلك  
بدت وكأنها تلقى على مسامعها للمرة الأولى 
تصارعت أنفاسها اللاهثة وتلاحقت من فرط التوتر والخۏف 
رغبت في مقاومته في الرفض  
لكن قلبها يأبى الانصياع إنه مالكك إنه من تعشقين إنه حبك الأول والأخير 
ارتفع صدرها وهي تطالع ملامحه كالمسحورة 
لكنها سريعا أجبرت نفسها
على الإبتعاد من ذلك التأثير المهلك فإنسلت من أحضانه بعد أن دفعته بكفيها في صدره وأطرقت رأسها وهي تقول بعزة وكبرياء شديدين 
لا مش هتجوزك أبدا!
الفصل الثلاثون الجزء الأول 
إن استسلمت له فقد ظفر بها لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه 
دفعته إيثار بكل ما أوتيت من قوة للخلف فتفاجيء من ردة فعلها وحدجته بنظرات جامدة قبل أن تقول بحدة 
وأنا مش موافقة
تسمر في مكانه مشدوها للحظة محاولا استيعاب رفضها الغير متوقع 
هو متأكد من حبها الجارف له بل إنه يثق أن خلايا
ډمها متشبعة كليا بعشقهما 
تأهبت للتحرك والهرب من حضرته الممېتة لكن صدها مالك بجسده ووقف حائلا أمامها ليهتف بنبرة مصډومة 
إيثار أنا بأحبك !
وأنا مش عاوزة الحب ده
قالتها بصعوبة بالغة وهي تحاول السيطرة على مشاعرها المضطربة 
أغمض عيناه للحظة محاولا السيطرة على انفعالاته ثم سألها بهدوء 
طب انتي مش موافقة ليه 
عجزت عن الرد عليه أتخبره أنها تحبه پجنون ولكن كبريائها يمنعها من القبول بعرضه المغري لتحل كبديلة عن زوجته بتلك البساطة أم تدعي الكذب أنها تبغضه كما لم تبغض أي أحد من قبل 
مازالت أثار الماضي تطاردها 
وهي عاجزة عن حسم أمرها معه 
التقط كفها بين راحتيه وجذبها برفق إليه واحنى رأسه عليها ليطالعها بنظرات تعرف كيف تخترقها ببراعة وهمس لها 
أنا بأحبك يا إيثار بأحبك ومقدرش أعيش من غيرك !
ارتجفت من تأثير كلماته وشعر بإرتعاشتها 
أرخى إحدى يديه عن قبضتها ورفعها عند طرف ذقنها ليتحسس ملمسه بحرص شديد 
أغمضت عيناها بإرتباك كبير وسيطرت على كيانها رعشة غريبة حجبت عنها التفكير بصورة عقلانية وزدات دقات
قلبها المتسارعة 
ابتسم بثقة حينما أيقن تأثيره الطاغي عليها 
صدمت روان وهي تتابع المشهد من الداخل مما حدث 
كانت تتوقع أن توافق رفيقتها على عرض مالك بالزواج منها لكنها خالفت كل توقعاتها ورفضته ببساطة 
خرجت مسرعة لتستفهم من أخيها عن سبب إعتراضها فتركها ورحل دون أن يعطيها أي مبررات 
هب عمرو منتفضا من مكانه حينما سردت عليه والدته تحية ما فعلته مع السيدة ميسرة 
تلفت حوله غير مصدق ما سمعه توا وهتف بذهول 
يعني يعني هي قالتلك أروحله بيته 
أجابته تحية بهدوء 
ايوه يا بني هي عدت عليا من شوية وكتبتلي ورقة فيها العنوان
تساءل عمرو بتلهف وهو يمد يده نحوها 
فين الورقة دي 
أخرجت والدته ورقة مطوية وضعتها بداخل طيات صفحات أجندة الهاتف لكي لا تضيع ثم أعطته إياها 
أخذها منها عمرو ونظر إلى العنوان المدون بها وابتسم بسعادة وهو يردد 
يا رب يكون خير
ردت عليه والدته بنبرة دافئة 
إن شاء الله يا حبيبي هايكون خير وربنا هيعوضك ويكرمك باللي نفسك فيه !
ورغم فرحته الظاهرة على وجهه إلا أن شعورا مزعجا كان ينتابه حينما يفكر في ردة فعل مالك  
فالماضي مازال يقف حاجزا بينهما 
انتبه كلاهما إلى صوت غلق باب المنزل فدققا النظر في إيثار التي انتجهت إلى غرفتها دون أن تلقي عليهما التحية 
نظر عمرو لوالدته بإندهاش وتساءل بفضول 
هي مالها 
ردت عليه بقلق 
مش عارفة يا بني تلاقيها بس تعبانة في الشغل
تحرك عمرو في اتجاه غرفتها مرددا بجدية 
أنا رايحلها !
اعترضت تحية عليه قائلة 
طب سيبها شوية تكون ارتاحت وبعد كده خشلها
رد على إمتعاض 
حاضر يا ماما هاسيبها شوية وبعد كده هاتكلم معاها
لكن ما منعها من القبول هو إحساسها بأنه يشفق عليها بأن حبه لها لم يعد خالصا بل شاركته فيه غيرها وتمتعت بأحضانه الدافئة وهي التي كانت تعاني الويلات والقسۏة مع غيره 
شعور الخزي والخذلان دفعاها للتراجع والابتعاد  
لقد ظلمها مثل غيره وتوقع بسهولة أن ترضخ مستسلمة لعرضه  
لم تكن لتقبل بإهانة كرامتها أو كبريائها 
لكن قلبها ذلك الشيء النابض الذي يرفض مقاومتها لتيار مشاعر الحب الصادقة أبى أن يستسلم لهواجسها وذكرها بحب حقيقي نابع من أعماق الفؤاد 
وأجبر عقلها على تذكر تلك اللحظات الماضية بينهما 
لحظات مميزة جمعتهمل صدفة وعن عمد 
لقاءات حفرت في ذاكرتهما ذكريات جميلة كانت سندها في أحلك الأوقات 
ها هي تضعف من جديد 
ټنهار حصونها أمام سيل حبها الجامح له 
هي لم تكرهه بالفعل هي تبغض الظروف التي أجبرتهما على الفراق 
حالة من الوجوم سيطرت عليه
 

تم نسخ الرابط